الأحد، 5 ديسمبر 2010

الكوميديا الإلهية




ملحمة عجيبة هي هذه "الكوميديا" الشعرية و التي سطرها الفلورنسي دانتي أليغييري.

طبعاً، لن أخوض في تفاصيل تعريفية بهذه الملحمة الخالدة، أو تاريخها، أو عنوانها، و إنما سأحاول تسطير انطباعي الشخصي عن جزء واحد منها.

أنا حقيقة لم أقرأها كاملة، و إنما اكتفيت بقراءة " الجحيم " و الذي يُعد الجزء الأول من الكوميديا، يليه المطهر، فـ الفردوس.

أحسب أن الكوميديا عملاً أدبياً شعرياً ضخماً ( و هي كذلك ) ، و على الرغم من تلك الحقيقة، إلا أني و بكل صدق، لم أتعرف على " وجودها " إلا قبل فترة زمنية قصيرة نسبياً، و هذا ما حجبها عني على الرغم من أني أكاد أجزم بأن عنوانها أو اسم مؤلفها قد أُلقيا على سمعي من قبل، لأني - منذ أن قرأت الجحيم - و هي تهطل على مسامعي بين الحين و الآخر.

في حديثٍ لي مع زميل إنجليزي متخصص في الأدب الإنجليزي حول هذه الملحمة، عبّر صديقي عن إعجابه بتلك العبارة الموجودة على بوابة الجحيم القائلة :

"Abandon All Hope Ye Who Enter Here!"

لا أذكر حقيقةً لماذا هذه العبارة بالذات، و لكن وفقاً لصديقي، هي عبارة علقت في ذهنه.

يمضي الزميل و يواصل حديثه و يقول : دانتي كان مسيحياً متعصباً متطرفاً، و يتضح ذلك من أبيات الكوميديا (أو الأناشيد الكانتو) فهو ينتقد البعض لأنهم وفقاً له "ليسوا مسيحيين بشكل كافٍ !"، و يذهب بعيداً لينتقد الكثير من البابوات و يضعهم في الجحيم.

في حديثٍ مع زميل أميركي متخصص هو أيضاً في الأدب الإنجليزي، لفت نظري إلى حقيقة مثيرة، و هي وضع دانتي للبعض ممن " كانوا أعداءه في الحياة " في الجحيم هم أيضاً !

ما لفت نظري أنا شخصياً هو وضع دانتي لـ محمد نبي المسلمين في الجحيم - كما يرى - بصفته مثيرا للفتن الدينية و السياسية بالإضافة إلى ابن عمه علي بن أبي طالب معه هنالك كالمسؤول عن صراع و انشقاق السنة و الشيعة، و لا أعلم حقيقة كيف توصل إلى تلك القناعة.

ما هو مثير هو رؤية دانتي لمحمد في الجحيم، بينما يلاقي كلاً من ابن سينا، ابن رشد، و حتى صلاح الدين في الليمبو ( منطقة تلي البوابة ضمن دائرة الجحيم الأولى. عذاب من فيها هو انتظار الخلاص الرباني و الذي لن يأتي )، لأن تلك الشخصيات باعتقادي متأثرة بـ محمد بشكل أو بآخر.

يبدو أن دانتي كان مقدراً للفلاسفة بشكل كبير، و خصوصا ابن رشد الشارح الأعظم لـ أرسطو، أما صلاح الدين فغني عن التعريف بقهره للصليبيين و لعلاقته بـ ريتشارد قلب الأسد ملك إنجلترا ذاك الزمان.

لم اختار دانتي شخصية فيرجل كالدليل خلال الجحيم ؟ ربما لأن فيرجل كان شاعر روما العظيم ؟ فهو من ألف الإنياذة بطلب من أغسطس قيصر أوكتافيوس. تلك الملحمة التي تتحدث عن رحلة المهزومين من أبناء طروادة منها إلى شمال أفريقيا خلال قرطاج حتى الاستقرار و تأسيس روما !

عموماً، الملحمة ( خصوصا الجحيم )هي عمل خالد و رائع على الرغم من أني عانيت صعوبة في كثيرة الأسماء الواردة فيها. دانتي كان مطلعاً جيداً على الميثولوجيا الإغريقية و الرومانية لكثرة الشخصيات الواردة منها.